داء ستيل

داء ستيل
Doctor

داء ستيل

من منا لم يتعرف الى أحد مرضى التهاب المفاصل ومن منا لا يعرف كمية الألم الذي يُسببه التهاب المفاصل للمريض الذي يوقف نشاطات المريض الروتينية في أغلب الأحيان، بل ويَعيقه من ممارسة مهامه الحيوية اليومية. ولكن كيف سيكون حال المريض لو شخصت إصابته بداء ستيل كسبب لالتهاب المفاصل؟! وماهي علاقة هذا المرض بجهاز المناعة؟

سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في مقالنا التالي:

1-ما هو داء ستيل Still's Disease:

يعرف داء ستيل باسم التهاب المفاصل الشبابي مجهول السبب Adult-onset Still’s disease (AOSD). وهو اضطراب جهازي نادر يتظاهر بالتهاب المفاصل المزمن، والحمى اليومية المتكررة، والطفح الجلدي البقعي الوردي.

يُصنف الداء كأحد أبرز أمراض المناعة الذاتية مجهولة السبب. وتنتشر الإصابة بهذا المرض عند الأطفال والبالغين وتتميز بأعراضها الجهازية التي تمتد الى معظم أعضاء الجسم الحيوية تقريباً. فبالإضافة الى أعراض التهاب المفاصل يتسبب داء ستيل باضطرابات في جهاز المناعة وظهور الحمى وعلامات الطفح الجلدي على المريض.

تبدأ الإصابة بالداء  بالتهاب في عدد محدود من المفاصل وقد تمتد مع الزمن لتصيب المفاصل السليمة. وتكون أعراض الإصابة بهذا المرض على شكل نوبات متقطعة وفجائية. وقد تكون على شكل نوبة واحدة ثم تختفي أو على شكل نوبات متكررة الحدوث متباينة الشدة.

يُصيب داء ستيل البالغين من كلا الجنسين. ويُعد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15-25 و 36-46 عاماً هم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بداء ستيل.

2-أسباب الإصابة بداء ستيل Still's Disease:

لا يزال داء ستيل الى يومنا هذا يُصنف مع الامراض مجهولة السبب. إلا أن هناك العديد من النظريات الطبية التي تحدد سبب الإصابة بالداء . ومن أشهر النظريات هي تلك التي ترجع السبب الى اضطرابات في المناعة الذاتية وخاصة أن الإصابة بداء ستيل تترافق مع تغيرات في التعداد الدموي للكريات البيضاء في الدم.

كما ترى بعض المدارس الطبية أن السبب خلف الإصابة بالداء هو أحد أنواع المكروبات الذي يسبب التهاب المفاصل والطفح الجلدي المرافق للإصابة.

على الرغم من وجود هذه النظريات إلا أن السبب الرئيسي لداء ستيل غير محدد بشكل دقيق الى اليوم.

3-أعراض الإصابة بداء ستيل Still's Disease:

تبدأ أعراض الإصابة بداء ستيل ببعض الأعراض الجهازية كــ:

  • الإرهاق الشديد والوهن العام.
  • يمكن أن يصاحب الإرهاق الشديد موجات من الحمى الشديدة التي يمكن ان تصل إلى F 102 (39 C) أو أعلى. ولكن في معظم الحالات تعود درجة حرارة الجسم بشكل سريع إلى المستويات الطبيعية بعد النوبة.
  • غالبًا ما تتكرر نوبات الحمى في نفس الوقت تقريبًا من كل يوم.
  • يرافق النوبات طفح جلدي خافت بلون السلمون "الوردي الفاتح" ولا يسبب حكة.
  • آلام أثناء القيام بالتنفس العميق.
  • آلام عضلية.

كما ترافق الإصابة بداء ستيل بعض الاعراض الأخرى مثل:

  • تورم في الغدد الليمفاوية.
  • تضخم في الطحال والكبد.
  • التهاب الحلق.
  • يُعد ضعف الشهية والغثيان وفقدان الوزن أمرًا شائعًا عند مرضى داء ستيل.
  • يصاب بعض المرضى بالتهاب الغشاء المحيط بالقلب (التهاب غشاء التامور) والرئتين (التهاب غشاء الجنب)، مع تراكم السوائل في بعض الأحيان حول القلب (الانصباب التامور) والرئتين (الانصباب الجنبي).
  • غالبًا ما يحدث التهاب المفاصل المصحوب بتورم المفاصل بعد ظهور الطفح الجلدي والحمى لبعض الوقت.
  • تورم مؤلم في أربطة المفاصل.

على الرغم من أنه قد يتم تجاهل أعراض التهاب المفاصل في بداية تشخيص الإصابة بالداء بسبب طبيعة الأعراض الجهازية عند المريض، فإن كل شخص مصاب بداء ستيل سيعاني حتماً من آلام المفاصل وتورمها في النهاية.

الصور التالية توضح علامات الطفح الجلدي الوردي المرافق للإصابة بالداء :

4-تشخيص الإصابة بالداء:

ما تزال عملية تشخيص الإصابة بداء ستيل معتمدة على العلامات السريرية النموذجية التي ترافق الإصابة مثل:

  • الحمى الشديدة المتقطعة والتهاب المفاصل وآلامها وآلام العضلات والطفح الجلدي الوردي الخافت وتورم الغدد الليمفاوية أو تضخم الطحال والكبد والتهاب الغشاء حول القلب (التهاب التامور) أو الرئتين (التهاب الجنب).
  • التهاب المفاصل الذي يستمر لمدة ستة أسابيع على الأقل لإجراء تشخيص دقيق لداء ستيل.
  • يعاني العديد من المرضى المصابين بمرض ستيل من ارتفاع ملحوظ في عدد خلايا الدم البيضاء وخاصة العدلات، كما لو كان المريض يعاني من عدوى خطيرة، ولكن مع غياب أي عدوى ملحوظة.
  • فقر الدم أو الانيميا: يعد انخفاض تعداد كريات الدم الحمراء وارتفاع بعض المشعرات الدموية التي تشير إلى وجود التهاب (مثل معدل ترسيب كرات الدم الحمراء أو ESR، والبروتين التفاعلي C، والفيريتين) أمرًا شائعًا عند المصابين بالداء .
  • يعد ارتفاع مستوى الفيريتين في الدم Serum Ferritin الى أكثر من 1000 نانوغرام/مل أمراً شائعاً عند مرضى الداء.
  • إن اختبارات الدم الكلاسيكية لالتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Factor) والذئبة الحمامية الجهازية (Antinuclear Antibodies) عادة ما تكون سلبية عند مرضى الداء .

قد تتداخل بعض العلامات المميزة للإصابة بالداء مع علامات الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية أو بعض علامات الإصابة بداء لايم. لذلك يجب التحري عن الإصابة بهذه الامراض قبل تشخيص الإصابة بداء ستيل. كما يجب على المريض ابلاغ الطبيب في حال كان يُعاني من أحد هذه الأمراض سابقاً.

يمكن أن تكون الصور الشعاعية للصدر والكبد والطحال مفيدةً أيضاً في التشخيص بالإضافة الى مراقبة أصوات القلب وحركة الرئتين.

في بعض الحالات الشديد يُطلب من المريض أخذ عينة "خزعة" من نقي العظام للكشف عن وجود متلازمة تنشيط الخلايا البلعمية Macrophage activation syndrome (MAS). حيث تنشط الخلايا المناعية وتتكاثر بشكل عشوائي غير منضبط مما يفاقم من أعراض الإصابة بالداء.

 

5-علاج داء ستيل Still’s disease:

يمكن أن تتسبب الإصابة بالداء في حدوث أضرار جسيمة للمفاصل، وخاصة في منطقة الرسغين. كما يمكن أن تضعف الإصابة وظيفة القلب والرئتين أيضًا. لذلك غالباً ما يتم توجيه العلاج نحو مناطق الالتهاب الفردية.

ولتخفيف الاعراض غالباً ما تُستخدم مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية كالآيبوبروفن وغيرها مثل الأسبرين. كما تُستخدم أدوية الكورتيزون (Steroids) مثل بريدنيزون (Prednisone) لعلاج أعراض المرض الأكثر خطورة.

بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الأعراض المزمنة لداء ستيل، يتم استخدام الأدوية الكابحة لجهاز المناعة والتي بدورها تؤدي الى التخفيف من الشدة الالتهابية المرافقة للإصابة بالداء . من الأدوية المستخدمة الآن:

  • هيدروكسي كلوروكين (بلاكينيل) Hydroxychloroquine (Plaquenil).
  • بنسيلامين (كوبريمين ، ديبين) Penicillamine (Cuprimine, Depen).
  • أزاثيوبرين (إيموران) Azathioprine (Imuran).
  • ميثوتريكسات (روماتريكس ، تريكسال) Methotrexate (Rheumatrex, Trexall)
  • وسيكلوفوسفاميد (سيتوكسان) Cyclophosphamide (Cytoxan).

حديثاً تم استخدام دواء Anakinra (Kineret) القابل للحقن وهو مضاد للـ IL-1وهو الناقل المناعي النشط في داء ستيل. كما يستخدم دواء Tocilizumab (Actemra) وريداً لحجب تأثير  IL-6 وذلك لعلاج لعلاج التهاب المفاصل مجهول السبب عند الأطفال.

 

6-هل هناك طرق وقاية من الداء:

للأسف لا يوجد حتى الآن طرق محددة للوقاية من الإصابة بالداء . ولكن قد يكون الالتزام بالعلاج الموصوف من قبل مقدمي الرعاية الصحية يخفف من الأعراض المزمنة لهذا المرض ويقي من تطور المضاعفات الخطيرة للإصابة بالداء .

المصادر:

https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/1756584/

https://www.webmd.com/arthritis/adult-onset-stills-disease#1

https://www.medicinenet.com/stills_disease/article.htm

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/adult-stills-disease/symptoms-causes/syc-20351907#:~:text=Adult%20Still's%20disease%20is%20a,affected%20joints%2C%20particularly%20the%20wrists.