من منا لم يتعرف الى أحد مرضى التهاب المفاصل ومن منا لا يعرف كمية الألم الذي يُسببه التهاب المفاصل للمريض الذي يوقف نشاطات المريض الروتينية في أغلب الأحيان، بل ويَعيقه من ممارسة مهامه الحيوية اليومية. ولكن كيف سيكون حال المريض لو شخصت إصابته بداء ستيل كسبب لالتهاب المفاصل؟! وماهي علاقة هذا المرض بجهاز المناعة؟
سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في مقالنا التالي:
يعرف داء ستيل باسم التهاب المفاصل الشبابي مجهول السبب Adult-onset Still’s disease (AOSD). وهو اضطراب جهازي نادر يتظاهر بالتهاب المفاصل المزمن، والحمى اليومية المتكررة، والطفح الجلدي البقعي الوردي.
يُصنف الداء كأحد أبرز أمراض المناعة الذاتية مجهولة السبب. وتنتشر الإصابة بهذا المرض عند الأطفال والبالغين وتتميز بأعراضها الجهازية التي تمتد الى معظم أعضاء الجسم الحيوية تقريباً. فبالإضافة الى أعراض التهاب المفاصل يتسبب داء ستيل باضطرابات في جهاز المناعة وظهور الحمى وعلامات الطفح الجلدي على المريض.
تبدأ الإصابة بالداء بالتهاب في عدد محدود من المفاصل وقد تمتد مع الزمن لتصيب المفاصل السليمة. وتكون أعراض الإصابة بهذا المرض على شكل نوبات متقطعة وفجائية. وقد تكون على شكل نوبة واحدة ثم تختفي أو على شكل نوبات متكررة الحدوث متباينة الشدة.
يُصيب داء ستيل البالغين من كلا الجنسين. ويُعد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15-25 و 36-46 عاماً هم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بداء ستيل.
لا يزال داء ستيل الى يومنا هذا يُصنف مع الامراض مجهولة السبب. إلا أن هناك العديد من النظريات الطبية التي تحدد سبب الإصابة بالداء . ومن أشهر النظريات هي تلك التي ترجع السبب الى اضطرابات في المناعة الذاتية وخاصة أن الإصابة بداء ستيل تترافق مع تغيرات في التعداد الدموي للكريات البيضاء في الدم.
كما ترى بعض المدارس الطبية أن السبب خلف الإصابة بالداء هو أحد أنواع المكروبات الذي يسبب التهاب المفاصل والطفح الجلدي المرافق للإصابة.
على الرغم من وجود هذه النظريات إلا أن السبب الرئيسي لداء ستيل غير محدد بشكل دقيق الى اليوم.
على الرغم من أنه قد يتم تجاهل أعراض التهاب المفاصل في بداية تشخيص الإصابة بالداء بسبب طبيعة الأعراض الجهازية عند المريض، فإن كل شخص مصاب بداء ستيل سيعاني حتماً من آلام المفاصل وتورمها في النهاية.
الصور التالية توضح علامات الطفح الجلدي الوردي المرافق للإصابة بالداء :
4-تشخيص الإصابة بالداء:
ما تزال عملية تشخيص الإصابة بداء ستيل معتمدة على العلامات السريرية النموذجية التي ترافق الإصابة مثل:
قد تتداخل بعض العلامات المميزة للإصابة بالداء مع علامات الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية أو بعض علامات الإصابة بداء لايم. لذلك يجب التحري عن الإصابة بهذه الامراض قبل تشخيص الإصابة بداء ستيل. كما يجب على المريض ابلاغ الطبيب في حال كان يُعاني من أحد هذه الأمراض سابقاً.
يمكن أن تكون الصور الشعاعية للصدر والكبد والطحال مفيدةً أيضاً في التشخيص بالإضافة الى مراقبة أصوات القلب وحركة الرئتين.
في بعض الحالات الشديد يُطلب من المريض أخذ عينة "خزعة" من نقي العظام للكشف عن وجود متلازمة تنشيط الخلايا البلعمية Macrophage activation syndrome (MAS). حيث تنشط الخلايا المناعية وتتكاثر بشكل عشوائي غير منضبط مما يفاقم من أعراض الإصابة بالداء.
يمكن أن تتسبب الإصابة بالداء في حدوث أضرار جسيمة للمفاصل، وخاصة في منطقة الرسغين. كما يمكن أن تضعف الإصابة وظيفة القلب والرئتين أيضًا. لذلك غالباً ما يتم توجيه العلاج نحو مناطق الالتهاب الفردية.
ولتخفيف الاعراض غالباً ما تُستخدم مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية كالآيبوبروفن وغيرها مثل الأسبرين. كما تُستخدم أدوية الكورتيزون (Steroids) مثل بريدنيزون (Prednisone) لعلاج أعراض المرض الأكثر خطورة.
بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الأعراض المزمنة لداء ستيل، يتم استخدام الأدوية الكابحة لجهاز المناعة والتي بدورها تؤدي الى التخفيف من الشدة الالتهابية المرافقة للإصابة بالداء . من الأدوية المستخدمة الآن:
حديثاً تم استخدام دواء Anakinra (Kineret) القابل للحقن وهو مضاد للـ IL-1وهو الناقل المناعي النشط في داء ستيل. كما يستخدم دواء Tocilizumab (Actemra) وريداً لحجب تأثير IL-6 وذلك لعلاج لعلاج التهاب المفاصل مجهول السبب عند الأطفال.
للأسف لا يوجد حتى الآن طرق محددة للوقاية من الإصابة بالداء . ولكن قد يكون الالتزام بالعلاج الموصوف من قبل مقدمي الرعاية الصحية يخفف من الأعراض المزمنة لهذا المرض ويقي من تطور المضاعفات الخطيرة للإصابة بالداء .
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/1756584/
https://www.webmd.com/arthritis/adult-onset-stills-disease#1
https://www.medicinenet.com/stills_disease/article.htm