متلازمة داون أو تثلث الصبغي 21 هي اضطراب صبغي يحدث نتيجة عن خطأ في انقسام الخلية ينجم عنه وجود صبغي 21 إضافي. ويمكن أن تؤثر متلازمة داون على القدرة الإدراكية للشخص ونموه البدني، وتتسبب في مشكلات نمو خفيفة إلى متوسطة، كما أنها تمثل خطراً أكبر لبعض المشكلات الصحية. يمكن لأخصائيي الرعاية الصحية اكتشاف متلازمة داون قبل الولادة أو بعدها، باستخدام سلسلة من الفحوصات والاختبارات.
وهذه الحالة تستمر مدى الحياة، وعلى الرغم من أنه لا يمكن علاجها، فإن الأطباء يعرفون عنه الآن أكثر من أي وقت مضى. وإن الحصول على الرعاية المناسبة مبكراً يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في مساعدة الطفل المصاب على عيش حياة طبيعية. توفر التطورات الطبية الحديثة، فضلاً عن الدعم الثقافي والمؤسسي للأشخاص ذوي متلازمة داون وأسرهم، العديد من الفرص للمساعدة في التغلب على تحديات هذه الحالة.
يتم تحديد هذه المتلازمة من خلال العديد من العوامل، ولكن تشير الأبحاث إلى أن هناك فرصة أكبر إذا كانت الأم أكبر من 35 عاماً. تحدث متلازمة داون في أقل من 1 من كل 1000 حالة حمل قبل سن الثلاثين، بعد سن الأربعين يرتفع هذا الرقم إلى حوالي 12 من كل 1000.
في جميع حالات الإنجاب، ينقل كلا الوالدين جيناتهم إلى أطفالهم، وتكون هذه الجينات محمولة على الصبغيات. عندما تتطور خلايا الطفل، من المفترض أن تتلقى كل خلية 23 زوجاً من الصبغيات، الإجمالي 46 صبغي، نصف الصبغيات من الأم والنصف الآخر من الأب. في الأطفال المصابين بمتلازمة داون، لا ينفصل أحد الصبغيات بشكل صحيح، وبالتالي يحصل الطفل على ثلاث نسخ، أو نسخة جزئية إضافية، من الصبغي 21 بدلاً من نسختين. يسبب هذا الصبغي الإضافي مشاكل في تطور الدماغ والسمات الجسدية.
الشكل الأكثر شيوعاً لمتلازمة داون يسمى تثلث الصبغي 21،هذه حالة يكون فيها لدى الأشخاص 47 صبغي في كل خلية بدلاً من 46. خطأ في انقسام الخلية يسمى عدم الانفصال nondisjunction يسبب تثلث الصبغي 21، هذا الخطأ يترك الحيوان المنوي أو خلية البويضة مع نسخة إضافية من الصبغي 21 قبل أو عند الحمل. يمثل هذا المتغير 95%من حالات متلازمة داون، وترجع نسبة 5 % المتبقية من حالات متلازمة داون إلى ظروف تسمى الفسيفساء أو الموزاييك mosaicismوالإزفاء translocation.
يحدث النوع الفسيفسائي أو الموزاييكي من متلازمة داون عندما تكون بعض خلايا الجسم طبيعية، بينما يكون لدى البعض الآخر تثلث الصبغي 21. يحدث إزفاء روبرتسوني Robertsonian translocation عندما ينكسر جزء من الصبغي 21 أثناء انقسام الخلية ويلتصق بصبغي آخر، عاtranslocation، وجود هذا الجزء الإضافي من الصبغي 21 يسبب بعض خصائص متلازمة داون. لا يمتلك الشخص المصاب بالإزفاء أي سمات جسدية خاصة، ولكن من المرجح أن يكون لديه طفل لديه صبغي إضافي 21.
عادةً ما يكون للأفراد المصابين سمات جسدية مميزة، ومشكلات صحية فريدة، وتنوع في التطور المعرفي.
تتضمن بعض الخصائص الجسدية لمتلازمة داون ما يلي:
عادةً ما يكون لدى الأشخاص المصابين ملامح تطور معرفي تشير إلى وجود إعاقة ذهنية خفيفة إلى متوسطة. ومع ذلك فإن التطور المعرفي والقدرة الفكرية متفاوتان للغاية بين شخص وآخر. غالباً ما يصل الأطفال المصابون بمتلازمة داون إلى مراحل نمو متأخرة قليلاً عن أقرانهم. على سبيل المثال قد يكون لدى هؤلاء تأخير في تعلم الكلام، وقد يحتاج الطفل المصاب إلى علاج النطق لمساعدته على اكتساب لغة تعبيرية. قد تتأخر أيضاً المهارات الحركية الدقيقة، يمكن أن تستغرق وقتاً لتتطور بعد أن يكتسب الطفل المهارات الحركية الإجمالية. وسطياً فإنّ الطفل المصاب بمتلازمة داون سوف:
قد تكون هناك أيضاً مشاكل في الانتباه، والميل إلى إصدار أحكام سيئة وسلوك مندفع. ومع ذلك يمكن لمعظم الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون الذهاب إلى المدرسة وأن يصبحوا أعضاء فاعلين وقيّمين في المجتمع.
في بعض الأحيان توجد مشاكل صحية عامة يمكن أن تؤثر على أي جهاز عضو أو وظيفة جسدية، فقد يعاني حوالي 50%من الأشخاص المصابين من عيب خلقي في القلب. وقد يكون هناك أيضاً خطر أكبر في حدوث:
على الرغم من ذلك يبدو أن هناك خطراً أقل لدى مصابي داون لحدوث تصلب الشرايين، واعتلال الشبكية السكري، ومعظم أنواع السرطان.
الأشخاص الذين لديهم فرصة أكبر لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون قد يخضعون لاختبارات الفحص والتشخيص. حيث يمكن لاختبارات الفحص تقدير احتمالية وجود متلازمة داون، ويمكن لبعض الاختبارات التشخيصية أن تحدد بشكل قاطع ما إذا كان الطفل سيصاب بهذه الحالة.
قد تخضع النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و 35 عاماً أو أكثر للفحص الجيني أثناء الحمل. وذلك لأن فرصة إنجاب طفل مصاب تزداد مع تقدم المرأة في العمر. وتشمل اختبارات الفحص ما يلي:
الفحص هو وسيلة فعالة من حيث التكلفة وأقل تدخلاً لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من الاختبارات التشخيصية. ومع ذلك لا يمكن تأكيد وجود متلازمة داون من خلال الفحوصات السابقة على عكس الاختبارات التشخيصية،.
تعتبر الاختبارات التشخيصية أكثر دقة للكشف عن متلازمة داون. عادةً ما يقوم أخصائي الرعاية الصحية بإجراء مثل هذه الاختبارات داخل الرحم. ومع ذلك فإنها تزيد من خطر الإجهاض وإصابة الجنين والولادة المبكرة. وتشمل الاختبارات التشخيصية ما يلي:
لا يوجد علاج محدد في الوقت الحالي، ولكن يستطيع الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة الحصول على رعاية لأي مشاكل صحية، كما يفعل الأشخاص الآخرون. ومع ذلك قد يوصي أخصائيو الرعاية الصحية بإجراء فحوصات صحية إضافية للمشكلات الشائعة في الحالة. يمكن أن يساعد التدخل المبكر والرعاية المناسبة على زيادة إمكانيات مريض متلازمة داون إلى أقصى حد وإعداده للقيام بدور نشط في المجتمع.
يمكن للأطباء والمعلمين الخاصين ومعالجي النطق والمعالجين المهنيين والمعالجين الفيزيائيين وكذلك الأخصائيين الاجتماعيين تقديم المساعدة. يحث المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية جميع المتخصصين على توفير التحفيز والتشجيع. قد يكون أطفال داون الذين يعانون من صعوبات محددة في التعلم والنمو مؤهلين للحصول على الدعم التعليمي، إما في مدرسة عادية أو متخصصة. في السنوات الأخيرة كان الاتجاه هو إلحاف أطفال داون بالمدارس العادية، وغالباً مع دعم إضافي للمساعدة على الاندماج والتقدم.
قد يولد الأطفال المصابون بالمتلازمة بمشكلات جسدية أخرى، ويكونون أكثر عرضةً للإصابة ببعض المشكلات الصحية في وقت لاحق من حياتهم. تشمل المضاعفات المحتملة ما يلي:
لدى بعض الآباء فرصة أكبر في ولادة طفل مصاب بمتلازمة داون. حيث إن الأمهات اللاتي يبلغن من العمر 35 عاماً أو أكثر هم أكثر عرضةً لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون مقارنة بالأمهات الأصغر سناً، ويزيد الاحتمال كلما تقدمت في السن، كما تظهر الأبحاث أن عمر الأب له تأثير أيضاً.
حيث وجدت دراسة أجريت عام 2003 أن الآباء الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً لديهم فرصة مضاعفة لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون. بينما الآباء الآخرون الذين من المرجح أن ينجبوا طفلاً مصاباً بمتلازمة داون هم:
من المهم أن تتذكر أنه لا أحد من هذه العوامل يعني أنك ستنجب بالتأكيد طفلاً مصاباً بمتلازمة داون. ومع ذلك من الناحية الإحصائية وعلى عدد كبير من السكان، فقد تزيد من فرصة حدوث ذلك.
وفي النهاية، يمكن للشخص المصاب بمتلازمة داون القيام بالعديد من الأشياء التي يقوم بها الآخرون. قد يستغرق أطفال داون وقتاً أطول لاكتساب مهارات مثل المشي والتحدث، ولكن مع التحفيز يمكنهم اكتساب المهارات الحياتية الأساسية والذهاب إلى المدرسة. اعتماداً على كيفية تأثير الحالة على الشخص، غالباً ما يكون من الممكن لشخص ما أن يعمل ويعيش بشكل شبه مستقل مع متلازمة داون.
يحتاج الأشخاص المصابون بمتلازمة داون إلى صداقات وعلاقات، سيعيش البعض مع شريك أو يتزوجون، وسيكون لديهم حياة مستقلة. وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان أحد الشركاء مصاباً بمتلازمة داون، فهناك احتمال بنسبة 35-50٪ أن يصاب أطفالهم بذلك أيضاً. يبلغ متوسط العمر المتوقع للمصابين بمتلازمة داون حوالي 60 عاماً، لكن العديد من الأشخاص المصابين يعيشون الآن في السبعينيات من العمر.
المصادر:
https://www.healthline.com/health/down-syndrome
https://www.medicalnewstoday.com/articles/145554
https://www.webmd.com/children/understanding-down-syndrome-basics
https://www.cdc.gov/ncbddd/birthdefects/downsyndrome/data.html